الجمعة، 29 مايو 2015

لماذا؟

لماذا أكتب؟ ألم ينته عصر المدونات منذ زمن؟ و لماذا الان بالذات؟ بل لماذا اللغة العربية المتحذلقة؟ 
بيني و بينك؟ لا أعرف.
أكتب هذه السطور و صوت فيروز يملأ الغرفة، هواء أمسيات مصر الصيفية العابق برائحة الإمتحانات و أحلام الشباب، نعم، أحلام الشباب، ذاك هو أول الخيط.
أكتب هذه السطور و رائعة رضوى عاشور "الطنطورية" بجانبي، فالطنطورية تكتب رقية بطلة القصة حكياتها بناء على طلب ابنها، تخاف فالبداية ثم تسهب و تبدع فالختام، تجر الذكريات الحزينة قبل السعيدة و تسطرها على ورق، أوليس هذا هدفي؟ أن أخرج الأفكار و الذكريات المتناثرة و أسطرها على ورق؟ 

لأن كل شئ حث من قبل، و كل شئ قيل من قبل، ولكننا ننسى، لأن ذاكراتنا المحدودة لا تحيط بالصورة الكاملة، تخمينك صحيح فهذا اقتباس من د\ أحمد خالد توفيق، مبدع اخر ممن جعلوني أنا،
و لكن من أنت؟ أراك بعين الخيال تسأل و لك حق، و لكن هل حقا يهم من أنا؟ أليس ما أكتبه هو الأهم؟ ثم ماذا تحتاج لتعرف من أنا؟ الاسم؟ السن؟ الجنسية؟ الدراسة أو الوظيفة؟ حقا كلها أشياء لا تعبر عمن أكون، أرى نفسي مزيجا من صوت فيروز، و سخرية أحمد خالد توفيق، و صدق احساس رضوى عاشور، و سعة خيال عز الدين شكري، بل و أجسر أن أقول حساسية فرانشيسكو جويا و انفصام جون ناش، أحب الفلسفة كما أحسب انك خمنت، قارئ لدرجة الخبال، ناقد للواقع لدرجة الاملال، متابع للشأن العام لدرجة التفاهات، و رغم كل شئ، دارس للهندسة.

ماذا عن اللغة؟ لماذا اخترت العربية الفصحى رغم تفضيلي للانجليزية أو العامية المصرية و قدرتي على التعبير بهما بصورة أدق و أعمق؟ ببساطة لأنني عربي، في طفولتي كنت متابعا للرائع الامراتي عبد الله المهيري، صاحب أول مدونة عربية في 2003، رغم اني توقفت عن متابعته الان، الا أنه ما زال محتفظا بأثر عميق في نفسي، كان عبد الله و ما زال يكتب بالعربية الصحيحة نحويا، البسيطة تركيبا رغم ذلك، كان و ما زال مشجعا للجميع على الكتابة، و على استخدام العربية، يستعمل أبناء وطني -و أنا منهم- ذلك المزيج الشيطاني من الحروف و الأرقام اللاتينية للكتابة بالربية، بل أن منصة التدوين التى أكتب عليها هذه السطور الان تحوى مترجما خاصا يحول تلك  الخربشات الى حروف عربية سليمة! أصحب تلك الطريقة لغة معترفا بها، تستعمل في الاعلان بل -و ياللأسى- في الصحافة، و لهذا فالعودة للعربية الفصيحة ضرورة، ضرورة ثقافيى قبل كل شئ، و لأن استعمالى اجادتي للانجليزية أفضل من العربية الفصحى شئ لا يدعو للفخر، فلزم علي تدريب تفكيري و أصابعي على الكتابة السليمة.

و ماذا عن المحتوى؟ حقا لا يهمني رأيك في المحتوى، فما تلك الدونة الا اخراج لأفكاري و ذكرياتي على ورق، ولكن حيث أني قررت استعمال منصة مفتوحة للجميع فلحق كامل الحق أن يعجبك الكلام أو ان تعتبره محض هراء، ما أستطيع أن أضمنه لك هو شئ واحد، كل حرف سأكتبه هنا صادق تماما و نابع من قلبي قبل عقلي، و من يدري، قد أكتب شيئا ذا قيمة وسط كل هذا الهراء من حين لاخر.

ليس الهدف هنا التجديد، فكل شئ قيل من قبل، و كل ما سأكتبه كتب من قبل، بل لأن العقل مثل الشوارع يضيق برواده، و رواد العقل الأفكار المخلصة، 

يقول صلاح جاهين:

الشوارع حواديت ..

حواديه الحب فيها وحودايه عفاريت ..

 اسمعي يا حلوة لما اضحكك ..

الشارع دا كنا ساكنين فيه زمان ..

 كل يوم يضيق زيادة عن ما كان .. 

اصبح الآن بعد ما كبرنا عليه زي بطن الأم مالناش فيه مكان ..


تحياتي،